أنت في رحلة إلى البحر تصل ليلا، أن تنام وتستيقظ كما جرت العادة. الساعة تشير إلى التاسعة صباحا. تنظر من النافذة لتجد السماء مظلمة. تتفقد ساعتك من جديد ومعها الهاتف وتتأكد أن التوقيت صحيح تماما. ماذا حدث؟ لا تعلم. تفتح مواقع التواصل. تجد العالم كله يتحدث عن حدث غريب. الشمس قد اختفى. حسنا. تجهز نفسك لتذهب بجولة سريعة لمشاهدة الوضع على الأرض. لكنك تتفاجأ أكثر أن الطقس بات أكثر برودة والجميع في منازلهم لاستيعاب الموقف. ماذا تفعل يارجل؟ عد لغرفتك الآن وجهز شرابا ساخنا لنروي لك واحدة من أغرب الفرضيات وهي اختفاء الشمس للأبد.
بداية. وحسب ما يقول قانون الجاذبية العام فإن الشمس الكبيرة تساعد على ارتباط بقية الكواكب، وذلك بسبب قوة جاذبيتها التي تعتمد فقط على كتلتها الكبيرة جدا. وحسب تفسير العالم الشهير نيوتن، فإن كل جسمين في الفضاء يجذبون بعضها بقوة تتناسب طردا مع كتلته فيهما و عكسيا مع مربع المسافة الفاصلة بينهما. باختصار نيوتن يوضح أن المسافة هي من تلعب دورا بالجاذبية ووجود الشمس ككتلة كبرى هي من تعطي الثبات للكواكب. جاء بعد ذلك أنشتاين بنظرية النسبية العامة ليقول أن الزمكان يتحد به كثيرا قرب الكتل الكبيرة، وبذلك يجبر الكتل الصغيرة على الدوران حوله، وهو ما يفسر دوران الكواكب بالضبط، ما يعني أن الشمس عنصر أساسي في ثبات ودوران الكواكب. وتلك أول إجابة عن الاستفسار الذي طرحناه في أول التقرير في حال اختفاء الشمس، فإن كوكب الأرض سينطلق بشكل عشوائي في الفضاء، لكن بقاء كتلة الشمس نفسها قد تساعد على ثباته، لذلك ليس ذلك هو الاحتمال الأقوى. لذلك سيكون أمام الأرض سيناريوهات أكثر وتغييرات ستطرأ عليه في حال اختفاء الشمس. إن كان صباحا أو مساء، فإن ضوء السماء سيختفي في غضون ثماني دقائق فقط، وستتحول للظلام الدامس، وستبقى إضاءة الشمس الخافتة البيضاء وكأنها نجم صغير للغاية.
وإذا كان القمر ظاهرا فإنه سيرتفع أيضا وإلى الأبد، لأنه بذلك لن يصله ضوء الشمس أبدا، لذلك سيدخل الكوكب بالكامل في حالة من الظلام المستمر. ستنخفض درجات الحرارة تدريجيا وبشكل أكثر سرعة من الوضع الطبيعي حتى تصل لحالة التجمد الكامل، وحينها ستموت النباتات بعد مدة قصيرة والسبب غياب عملية التركيب الضوئي المعتمدة على الشمس. مع موت نباتات، فإن كميات ثاني أكسيد الكربون ستزداد في الجو، وذلك لأن الغطاء النباتي هو من يتكفل بالتخلص منها بالعادة وبموته ستذهب تلك الانبعاثات في السماء. بعد كل ما حدث ستبدأ الثلوج بالتساقط على كامل كوكب الأرض حتى يكتسي بالبياض الكامل في غضون أسابيع قليلة. المياه هي الأخرى ستكون في خطر، إذ يتوقع أن أعالي البحار والمحيطات ستبرز في خلال أسابيع أيضا. وخلال عام واحد ستصل لحالة التجمد وبتر جمودها ستتوقف كل مولدات الطاقة الكهربائية المعتمدة عليها، وذلك بسبب توقف عملية المد والجزر واختفاء الأمواج. الرياح هي الأخرى ستتضرر من اختفاء الشمس حيث ستوقف هبوبها لأنها في الحقيقة تهب بسبب اختلاف الضغط الجوي بين المناطق الحارة والباردة. وفي أعالي الفضاء ستتضرر الأقمار الصناعية والتي تعتمد بشكل كلي على الشمس بالطاقة. لذلك في اختفائها ستتحول لمجرد قطع خردة تدور في السماء سيترافق معها انقطاع الاتصالات والإنترنت.
أما بالنسبة للمسلمين ستختفي العلامات التي تحدد مواعيد العديد من الشعائر مثل الصلاة والصوم والحج، والتي بطبيعة الحال تعتمد جميعها على القمر الذي تضيعه الشمس، لذلك سيجبر الفقهاء حينها على تقدير المواعيد تقديرا وليس كما في السابق. رغم كل ما ذكرنا سابقا، يصر بعض العلماء إلى أن اختفاء الشمس قد يحسن بعض الأمور في البداية مثل تطور علم الفلك وتوسعه بعد اختفاء الشمس وتقليل الانفجارات الشمسية التي توصف بالخطيرة للغاية، لكن المؤكد أن الأرض ستواجه بردا قارسا، وباختصار ستتحول إلى كويكب متجمد وتنعدم فيه الحياة تدريجيا وستكون أصعب بمئات المرات. فبدون شمس لا يوجد حرارة ورطوبة، وذلك يعني التجمد وموت النباتات، وفي النهاية حقبة مأساوية وكارثية للبشر بالكامل.
تعليقات
إرسال تعليق