توتر أمام الكاميرات واحتجاجهم في قلب ملاعب كأس العالم. وزيرة تخرق قوانين قطر. ومسؤولون قطريون يحتجون على برلين. خلاف يحتد في كل نشرات الأخبار. ألمانيا ترفض احترام عادات وثقافة قطر. والأخيرة لن تبقى صامتة. ترد الدوحة من خلال شعبها في الملاعب من جديد. ويبقى الحديث عن ألمانيا وقطر والمونديال. لكن خلف الكاميرات والخلافات يجري الكثير من التفاصيل. مليارات تتدفق واتفاقيات تعقد. وما يظهر أمامك مجرد التريند حتما سيختفي.
قطر وألمانيا, وتكميم الأفواه.
منذ انطلاق كأس العالم في قطر في العشرين من نوفمبر، أكدت قطر ما أشيع من قبل، إذ اتفقت مع الفيفا على منع قادة المنتخبات من ارتداء شارة وان لوف لدعم مجتمع الشَذوذ. وهددت الفيفا القادة بتلقي بطاقة صفراء في حال ظهروا في المباريات مع الشارة. المنتخبات الآسيوية والأفريقية وحتى منتخبات أمريكا الجنوبية دعمت القرار وأكدت أنها ستمنع أي قائد من ارتداء الشارة، على الرغم من أن هذا الفعل غير متعارف عليه في تلك القارات حتى وصل لحد السخرية من الشارة نفسها. فعندما سئل نيمار عما إذا كان سيرتدي الشارة إذا اختير قائدا للمنتخب، رد على أحد المشجعين بقوله لا يا صديقي نحن في البرازيل نحب النساء فقط، لكن المنتخبات الأوروبية كان لها رأي آخر.
رفض وشجب وتنديد بالقرار
خصوصا من ألمانيا وإنكلترا وويلز والدنمارك التي أوضحت بشكل مباشر أن القرار يصنف ضمن قمع حرية الرأي والتعبير. لكن مسؤولين في اتحادات تلك الدول أكدوا الالتزام فيه، وذلك لضمان استكمال كأس العالم دون أي مشاكل. إلا أن ألمانيا وحدها كان لها رأي آخر في أول مباراة لها في المونديال أمام اليابان. وخلال الصورة التذكارية للاعبين قام اللاعبون كلهم بوضع أيديهم على أفواههم، في إشارة لقمع حرية الرأي والتعبير في قطر على حد وصفهم. كما قامت وزيرة الداخلية الألمانية بخداع الأمن القطري إذ دخلت للملعب وهي ترتدي سترة طويلة، وعند وصولها إلى مقعدها قامت بخلعه لتظهر على ذراعها الشارة الداعمة لمجتمع الشَذوذ. احتجاج المنتخب الألماني وتسلل الوزيرة أثار غضب الدوحة التي انهالت وسائل إعلامها بصب كل الغضب على الألمان بسبب عدم احترامهم لثقافة البلاد، وتسلل الوزيرة كما اللصوص على حد وصف الأعلام القطري.
وفي المباراة الثانية للمنتخب الألماني أمام إسبانيا، ظهر عشرات القطريين وهم يحملون صورة اللاعب الألماني مسعود أوزيل في الملعب، والذي سبق أن حرمته ألمانيا من اللعب بسبب مواقفه الداعمة لـ الإيغور.
شد وجذب. احتجاج ورد
جعل الجميع يعتقد أن العلاقات الألمانية القطرية ستشهد جفاء لكن خلف الستار وخلف كاميرات الإعلام ،ووراء كل الضجة التي أثيرت بين الطرفين كان يوجد اتفاقيات دولية تحاك ومليارات تتحرك والتي يمكن أن تثير غضب الدب الروسي هذه المرة. ففي وقت الخلافات والأزمات، كشف رئيس شركة قطر للطاقة عن اتفاقية جديدة أتمتها الشركة مع ألمانيا، وبالتحديد مع شركة كونوكو فيليبس، تنص على تصدير الغاز المسال إلى ألمانيا، وذلك لمدة وصفت بالطويلة للغاية، إذ بلغت خمسة عشر عاما على الأقل، وتبدأ بحلول العام ألفين وستة وعشرين وهي قابلة للتمديد. اتفاقية الغاز تأتي بعد زيارة نفذها المستشار الألماني شولتس منذ مدة لقطر، وحينها قيل أن الزيارة لم تأتي بثمارها ولم تحصل ألمانيا على ما تريد. لكن وعلى ما يبدو أن الزيارة كانت البداية فقط لتلك الاتفاقية التي ستدر المليارات على قطر سنويا. ألمانيا ستحصل بموجب الصفقة على مليوني طن من الغاز المسال سنويا، والتي ستنقل من رأس لفان في قطر إلى محطة الغاز في فرانكفورت الألمانية. وقال سعد الكعبي رئيس شركة قطر للطاقة في المؤتمر الصحافي مادحا برلين بأن ألمانيا تمثل أكبر سوق للغاز في أوروبا، وأن بلاده ملتزمة بدعم أمن الطاقة فيها في رسالة لدولة أوروبية بدأت تعاني من قطع الغاز الروسي في الآونة الأخيرة للمرة الأولى منذ انطلاق الحرب الروسية الأوكرانية.
وبعيدا عن خلاف الدوحة وبرلين وقريبا من موسكو التي تعتبر أكبر سوق لبيع الغاز الطبيعي في العالم، فإنها وعلى ما يبدو لن تبقى صامتة كثيرا على اتفاقيات الدوحة التي باتت تقتحم أسواقا تحتكرها روسيا منذ سنوات طويلة. ففي ذات الشهر الذي وقعت فيه قطر اتفاقياتها مع برلين، وقعت أيضا اتفاقية مع الصين، وتنص أيضا على توريد الغاز المسال لها لمدة تصل إلى سبعة وعشرين عاما. وللعلم فإن الصين هي واحدة من الأسواق التي اتجهت إليها موسكو بعدما قطعت الغاز عن أوروبا أكبر المشترين منها قبل الحرب. خلاف الدوحة وبرلين واتفاقهم في ذات الوقت أثار الكثير من الجدل واتفاق الدوحة مع الصين أيضا أثار المزيد من الجدل. هل هذا ما كانت تريده قطر من المونديال ومن الشد والجذب مع ألمانيا؟ وماذا سيكون موقف موسكو بعدما تحركت قطر وكسرت حدود أسواقها؟
تعليقات
إرسال تعليق