-->

القائمة الرئيسية

الصفحات

في لبنان حتى أموالك لا يمكنك الحصول عليها... الانهيار الاقتصادي؟

https://yourwebsitecom.blogspot.com


عندما سئل الرئيس اللبناني ميشال عون إلى أين يتجه لبنان؟ كان جوابه هكذا نحن لوين رايحين. طبعا مع أجانب. لكن على ما يبدو، لم يكن عون يمزح فقط. فالوضع اللبناني يتجه لجهنم حقا والتهديد والسلاح بات هو الحل للعيش في لبنان. فإذا كنت مواطنا لبنانيا ولديك أموال في أحد البنوك وتريد الحصول عليها كما يحدث في كل دول العالم، فإنك لن تحصل عليها أبدا، وسيحدد لك البنك مبلغا محددا يمكن أن تسحبها، وبقية الأموال ستبقى في البنك بانتظار الإفراج عنها. باختصار في لبنان حتى أموالك لا يمكنك الحصول عليها والسبب الانهيار الاقتصادي الفادح. فكان الحل أن تقتحم البنوك ويفرج عن الأموال. وهذا ما حدث تماما في بلد الأرز لبنان والسرقات الوهمية. الوضع الاقتصادي في لبنان لا يشبه الوضع في أي دولة في العالم. فالدولة منهارة حرفيا والاقتصاد يعاني. وكما يقول البنك الدولي، فإن الأزمة الاقتصادية في لبنان هي الأسوأ في العالم منذ العام ألف وثمانمائة وخمسين. فقد فقدت العملة أكثر من تسعين بالمئة من قيمتها. وسقط ما يقارب ثمانون بالمئة من السكان في دائرة الفقر منذ العام ألفين وتسعة عشر مع فشل حكومي متصاعد وغضب شعبي محتدم. لم تكن تلك هي المعضلة الوحيدة.


المعضلة كانت بانهيار العملة وانهيار البنوك معها، إذ يوجد آلاف المواطنين الذين أودعوا أموالهم في البنوك بالعملة الصعبة أو ما يعادلها بالليرة اللبنانية. لكن البنوك اليوم باتت عاجزة عن دفع تلك الودائع كلها بسبب انهيار العملة. فمنذ أشهر تحولت البنوك في لبنان إلى أشبه بطوابير الخبز في سوريا، ينتظر فيها المواطنون لساعات للحصول على جزء من ودعتهم، وفي بعض الأحيان لا يحصلون على شيء منها بسبب عجز البنك عن دفعها. العجز المصرفي في البلاد سبب أزمات أكبر لدى المواطنين الذين يجدون في ودائعهم في البنوك الأمل الأخير للحياة أو حتى السفر خارج البلاد. وفي ظل احتجازها المستمر، فإن كل الآمال والمشاريع متوقفة حتى يفرج عنها. فكان الحل لدى الكثير من اللبنانيين أن يتحولوا لصوص شرفاء ليس لسرقة أموال البنك بل للحصول على أموالهم فقط. فباتت لبنان دولة يسرق فيها المواطن للحصول على أمواله. قصة الاقتحامات وسحب الأموال بدأت في أوائل شهر سبتمبر من العام ألفين واثنين وعشرين، وذلك عندما قامت الفتاة اللبنانية سالي الحافظ باقتحام أحد البنوك اللبنانية، وذلك لتحصل على وديعة أختها الراقدة في المستشفى منذ أشهر وهي مريضة بالسرطان. سالي نفذت مع مجموعة من المودعين الذين يجتمعون في جمعية صرخة المودعين اقتحاما على مصرف بلوم، حيث أظهرت الفيديوهات المصورة عددا من الشباب يرتدون الزي الأسود، وكانت سالي تحمل مسدسا مهددة الرهائن داخل البنك، وطالبت بشكل صريح بالحصول على وديعة أختها مقابل تحرير الرهائن والخروج من البنك.


حصلت سالي على ودعتها وأكدت في منشور على فايسبوك أن السلاح الذي استخدمته خلال الاقتحام لم يكن حقيقيا، وأنها أرادت الحصول على الوديعة لعلاج أختها المريضة فقط. واختفت سالي الحافظ عن الأنظار، وقيل أنها غادرت الأراضي اللبنانية. لكن ما قامت به دفع المزيد من المذيعين لتنفيذ ذات الأمر والحصول على ودائعهم المحتجزة منذ أشهر في البنوك، والتي بات من المستحيل الحصول عليها بالسلم، لتبدأ في لبنان ما سميت بحرب الودائع. يوم الجمعة السادس عشر من سبتمبر كان ساخنا في لبنان، فقد شهدت البلاد حالة من الفوضى العارمة بشكل كبير. وانطلقت عمليات السطو المسلح على البنوك اللبنانية ضمن ذات الحرب التي أطلقها المودعون للحصول على ودائعهم. ففي يوم واحد اقتحم المودعون أكثر من ثماني مصارف في مختلف أنحاء لبنان، إذ قام أحد المودعين باقتحام مصرف تجاري في بيروت للمطالبة بالحصول على وديعة، كما اقتحم أحد المودعين مصرفا تجاريا آخر في بلدة الغازية جنوب البلاد، مطالبا بالحصول على ودعته المالية أيضا، حيث أشهر مسدسا بلاستيكيا بهدف الحصول على وديعة به، ثم هدد بحرق نفسه في حال لم ينفذ ما طلبه. انتهى الاقتحام ذلك بحصول المودع على عشرين ألف دولار. ثم سلم نفسه للسلطات الأمنية دون أي مقاومة.


رويترز قالت إن اطلاق نار سمع خلال اقتحام بنك لبناني في بلدة شحيم. وأفادت وكالة الأنباء اللبنانية بأن وزير العدل الأسبق أشرف ريفي وصل البنك في الطريق الجديدة للتفاوض مع مودع يحتجز موظفين. بدورها، قالت الوكالة الوطنية للإعلام إن الشرطة اعتقلت مودع. اقتحم فرع أحد المصارف في قضاء صيدا جنوب البلاد، حيث احتجز رهائن للمطالبة باستعادة أمواله. ورغم معرفة جميع المقتحمين بأن نهايتهم ستكون السجن لا محال لأن حصولهم على أموالهم يبقى الهدف الأهم. وبينما كان المودعين يحاولون تنفيذ المزيد من الاقتحامات، كانت الحكومة تتخبط أكثر ما هي متخبطة بطبيعة الحال. فقد أعلنت جمعية المصارف اللبنانية أن البنوك ستغلق أبوابها لثلاثة أيام بسبب مخاوف أمنية، وذلك مع توالي اقتحام المودعين للبنوك بشكل متكرر. رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بدوره دعا لجلسة داخل البرلمان اللبناني، وقال إن أساسات الدولة متصدعة. وأكد أن لبنان يواجه أزمة صعبة جدا. في حين اتهم وزير الداخلية بسام ملو جهات خارجية بالوقوف وراء الاقتحامات، لكنه لم يسمها بالتحديد. وشدد على ضرورة الانتباه لمن يحرك المقتحمين للبنوك. تصريحات أو حتى اتهامات وجهت لمن اقتحموا البنوك تفلح في تهدئة الغضب الشعبي اللبناني وتصاعد الأزمة الاقتصادية المستمرة، حيث دعت جمعية صرخة المودعين اللبنانية الجيش لحماية المودعين المتواجدين أمام فروع المصارف.


وقالت أن حرب استعادة الودائع بدأت فعلا. وختمت بالقول لن نصمت حتى استعادة حقوقنا كاملة. الانهيار الاقتصادي في لبنان لم يكن بسبب يوم أو يومين. فمنذ العام ألفين وتسعة عشر، فرضت المصارف اللبنانية قيودا مشددة للغاية على سحب الودائع، ثم زادتها تدريجيا حتى بات من المستحيل على المودعين سحب أموالهم، خصوصا الأموال المودعة بالدولار الأمريكي بسبب تراجع قيمة الليرة أمام الدولار، في وقت كان أثرياء لبنان قد سحبوا أموالهم منذ سنين، أو أنهم بشكل أدق هربوا لخارج البلاد. لتكون تلك هي عملية الاقتحام الأكبر في تاريخ لبنان، وليس اقتحام السهل الحافظ أو البقية. فإلى أين يتجه لبنان أكثر من ذلك؟


تعليقات