من وحي الخيال حول الأحلام المغربية إلى واقع ودخل الأرقام القياسية من أوسع الأبواب. أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم على أرض المغرب العربية، مساحة تعادل مساحة سان فرانسيسكو، وتصل لأكثر من ثلاثة آلاف وخمسمائة ملعب كرة قدم، توفر النور لمليون منزل، وتصل الكهرباء لأكثر من مليوني إنسان، ليصبح اسمها محطة نور للطاقة الشمسية. مشروع مغربي كان مجرد حلم بالسابق، لكنه اليوم بات أكثر من مجرد واقع على الأرض، وقريبا قد يصبح منقذ للقارة السمراء كلها. محطة نور ورزازات المغربية، الفخر المغربي.
المشروع هو مثال حقيقي على تحول حلم إلى حقيقة. فقبل سنوات قليلة خططت الرباط للترويج للطاقة المتجددة، وذلك من خلال محطة نور للطاقة، والتي ستصبح بعد التخطيط أكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة في العالم بخطة تشمل أربع محطات طاقة شمسية مركزة تسمى نور. قاد مشروع ورزازات للطاقة الشمسية طموحات المغرب والعالم في مجال الطاقة المتجددة، إذ تعزز محطة نور للطاقة استراتيجية المغرب لزيادة مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء بنسبة اثنين وخمسين بالمئة بحلول عام ألفين وثلاثين. جاء المشروع المغربي الضخم في وقت يفتقر فيه ستمئة مليون أفريقي إلى الكهرباء مما يسلط الضوء على دور المغرب كدولة إفريقية تصدر الكهرباء النظيفة من خلال مشروع محطة نور للطاقة الشمسية
تبلغ الطاقة الإنتاجية الإجمالية للمحطات الأربع لمشروع ورزازات للطاقة الشمسية خمسمئة واثنين وثمانين ميجاوات، وتم الانتهاء من أعمال التطوير والتمويل والانتهاء والتشغيل والصيانة في إطار العطاءات الدولية. مساحة المشروع بالكامل وفق بيانات رسمية تعادل مساحة مقاطعة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأمريكية، إذ يمتد على سبعة آلاف فدان والخمس مئة واثنين وثمانين ميغا واط التي يوفرها قادرة على إيصال الكهرباء إلى واحد فاصل ثلاثة مليون منزل، ما يعني وصول الطاقة إلى مليوني شخص في المغرب. ينعكس ذلك الأمر على البيئة بشكل مباشر، حيث تعتبر تلك الإمدادات الكبيرة كافية لتعويض أكثر من ثمانمئة ألف طن سنويا من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وفي ضوء الحديث عن البيئة وانعكاسات المشروع، فإن الهدف الرئيسي له هو خفض الاعتماد المغربي على الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء، والذي كان يعتمد عليه بالسابق بنسبة خمسة وتسعين بالمئة. ولذلك اتجه المغرب للموارد الطبيعية لإنتاج الطاقة والمتمثلة فيما يسمى اليوم بالطاقة المتجددة والنظيفة التي بدورها تخفض من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري. وينعكس نجاح المشروع أيضا اقتصاديا على المغرب، فمع استمرار اتساعه فإنه سيجنب المغرب من تقلبات أسعار الوقود التي تعاني منها معظم دول العالم بسبب الاعتماد عليه لتوليد الطاقة بشكل رئيسي.
لكن محطة نور تصنف على أنها بديل مناسب وعصري للنفط، حيث تعادل اثنين فاصل خمسة مليون طن من واردات النفط سنويا للمغرب، وقد تتحول بعد سنوات إلى التصدير للخارج بدل منح الطاقة للمغرب فقط. مشروع ورزازات للطاقة الشمسية ضم أربعة محطات تحمل جميعها اسم نور، لكن مع بعض الفروقات في قدرة المحطات وإنتاجها وحتى قدرتها على خفض الانبعاثات.
في البداية تأتي محطة نور ورزازات واحد والتي بدأت أعمال البناء فيها في مايو من العام ألفين وثلاثة عشر، ودخلت حيز التشغيل عام ألفين وستة عشر، وقدرت التكلفة الإجمالية لبنائها بما يقارب السبعمائة وتسعة عشر مليون دولار أمريكي، وقد أسهم في تمويلها العديد من الجهات على رأسها البنك الدولي وبنك الائتمان وإعادة الإعمار الألماني وغيرها. المحطة تصل قدرتها الإنتاجية إلى مئة وستين ميغاوات، وتنتج سنويا كهرباء تعادل خمسمائة جيجاوات ساعية. تعتمد المحطة بالكامل على الطاقة الشمسية الحرارية من خلال الألواح اللاقطة المقعرة والتي تصل سعة تخزينها الحرارية إلى ثلاث ساعات. وتسمح المحطة بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمعدل مئتين وثمانين ألف طن سنويا، وقد وفرت منذ تشغيلها أكثر من ألفي فرصة عمل فيها، ثلاثة وثمانون منهم من الأيادي المحلية المغربية. المحطة الثانية وهي محطة نور ورزازات اثنين التي تصل قدرتها الإنتاجية إلى مئتي ميغاوات، وتنتج سنويا كهرباء تعادل ستمئة جيجاوات ساعية.
تعتمد تلك المحطة أيضا على تقنيات الطاقة الشمسية الحرارية ذات الألواح اللاقطة المقعرة، لكن بسعة تخزين حراري أكبر تصل إلى سبع ساعات وتسمح بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمعدل ثلاثمئة ألف طن سنويا. دخلت المحطة حيز التشغيل في يناير من العام ألفين وثمانية عشر، ووصلت تكلفتها الإجمالية إلى تسع مليار درهم مغربي. وساهم ذات المستثمرين في محطة نور واحد بتمويلها وتشغيلها. محطة نور ورزازات الثلاثة تنضم للمشروع المزمع. الليبي المذهل والتي تصل قدرتها الإنتاجية إلى مئة وخمسين ميغاواط، وتنتج سنويا كهرباء تعادل خمسمئة ميغاوات تختلف عن باقي المحطات بطريقة استثمار الطاقة الشمسية، حيث تتمتع ببرج شمسي له قدرة على التخزين الحراري لمدة سبع ساعات وتسمح بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمعدل مئتين واثنين وعشرين ألف طن سنويا. أطلق مشروع تدشين تلك المحطة في أغسطس من العام ألفين وثمانية عشر، ووصلت تكلفتها الإجمالية لأكثر من سبعة مليار درهم مغربي. وشارك في تمويل المشروع صندوق التقنيات النظيفة والوكالة الفرنسية للتنمية. آخر المحطات وهي محطة نور ورزازات أربعة. وعلى الرغم من البدء بتدشين ها قبل الثالثة، لكنها منحت الرقم أربعة. بدأت أعمال البناء في المحطة في أبريل من العام ألفين وسبعة عشر، وتم تشغيلها للمرة الأولى في يونيو من العام ألفين وثمانية عشر، بعدما وضع لها تكلفة إجمالية وصلت إلى سبعمئة وخمسة وسبعين مليون درهم مغربي.منحها بنك الائتمان لإعادة الإعمار الألماني.
وتصل قدرتها الإنتاجية إلى اثنين وسبعين ميغاوات وتنتج سنويا كهرباء تعادل مئة وعشرين جيجاوات. تعتمد محطة نور أربعة على الخلايا الشمسية الكهروضوئية، وهي الوحيدة التي تعمل بتلك التقنية من بين كل المحطات. وتسمح بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمعدل ستة وثمانين فاصل خمسمائة وأربعين ألف طن سنويا. مشروع نور ورزازات للطاقة الشمسية يمثل تحديا كبيرا للمغرب وإنجاز لم تصل إليه الكثير من الدول حتى الآن.
المحطة تصنف على أنها أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم وتتميز بمواصفات فريدة مع موقع مميز لها يمكنها من توليد أكبر كمية من الكهرباء في القارة الأفريقية، كما أن الاعتماد عليها سيزداد مع مرور السنوات أكثر وأكثر، حيث تسعى المغرب للاعتماد على الطاقة النظيفة بنسبة اثنين وخمسين بالمئة بحلول العام ألفين وثلاثين، وذلك للتقليل من استهلاك الوقود الأحفوري متقلب السعر. ومع حلول العام ألفين وخمسين تشير التقارير وحسب توقعات الخبراء والمراقبين أن المغرب وبوجود محطة نور بشكل أساسي ستتحول إلى أحد أبرز الدول المصدرة للطاقة النظيفة في القارة الأفريقية والعالم، وستصبح دولة تمنح خبرتها لبقية دول العالم في ذلك المجال بالتحديد، كونها ستحصل على المزيد من سنوات الخبرة والتجارب المستمرة بشكل يومي. فمع المحطة العملاقة في ورزازات، تملك المغرب العديد من محطات الرياح، والتي في الواقع تعمل منذ سنوات طويلة، وتولد كمية ليست بالقليلة من الكهرباء على رأسها محطة أخف نير التي تصل سعتها إلى مئتي ميغاوات.وأكبر المحطات في المغرب التي تضم مئة وواحد وثلاثين توربينات للرياح. وهي محطة طرفاية التي تولد ثلاثمئة وواحد ميغاوات، وكانت قد دخلت حيز التشغيل في العام ألفين وأربعة عشر.
تستمر المغرب يوما بعد يوم في الدخول بصدارة الدول المنتجة للطاقة النظيفة والمتجددة في رؤية يتضح أنها الأفضل في مجال الطاقة في ظل الأزمات والتقلبات المستمرة في سوق النفط العالمي. لتكون المغرب بذلك في أمان بعيدا عن أي أزمات مقبلة.
تعليقات
إرسال تعليق