هذا الاسم لم يتردد فقط على لسان قادة كصدام حسين الذي اعتبره يوما أحد أسباب توتر علاقات العراق مع السعودية، بل كان اسما يغزو معظم أماكن صنع القرار في العالم، ويلعب دورا بأهم وأكثر صفقات الأسلحة إثارة للجدال وعلى رأسها إيران كونترا أو إيران، إضافة لعالم المال والأعمال واللهو والقمار والثراء الفاحش، إذ إن ثروته بلغت في السبعينيات أربعين مليار دولار، وهو رقم فلكي لم يسبقه له ثري في ذاك الوقت، كما امتلك قصرا طائرة لجانب اليخت الأغلى بالعالم حينها، فيما دفع علي طليقته أعلى مؤخر صداق عرفه التاريخ المعاصر آنذاك، ونظم أكثر الحفلات بذخ بالعالم، فكانت تسيل منها شلالات الشمبانيا، لكن الأمر لم ينتهي كما بدا عندما قالت وسائل إعلام إن عدنان تاجر السلاح الملياردير مات مديونا، والآن بعد سبعة سنين على وفاته، ما زال اسم عدنان خاشقجي يتردد بقوة في العديد من الأخبار الرئيسية، أبرزها قصة الملياردير الأمريكي جيفري إبسن المتهم بإدارة شبكة للاتجار بالبنات القصر بغرض الجنس. فمن هو عدنان خاشقجي؟ وما هي قصته وأبرز محطات حياته سلاح بالمليارات؟ في الخامس والعشرين من يوليو من عام ألف وتسعمائة وخمسة وثلاثين.
ولد عدنان خاشقجي بمكة المكرمة لوالده ذو الأصول التركية محمد خاشقجي الذي كان وزير الصحة في السعودية والطبيب الخاص لمؤسس المملكة العربية السعودية عبدالعزيز بن سعود. رغم تدرج عدنان بالمراحل التعليمية في السعودية، إلا أنه اتجه إلى الإسكندرية بمصر ليبدأ دراسته الجامعية بكلية فيكتوريا، قبل أن يتخذ قرارا مفاجئا بالانتقال إلى ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة، حيث كان من المفترض أن يكمل دراسته بكلية التجارة. لكن عاما واحدا فقط في أمريكا كان كفيلا بأن يجعله يترك التعليم نهائيا ليتجه إلى عالم الأعمال والتجارة، فكانت ملايين الأولى من صفقات مع شركة بن لادن السعودية قبل أن يبرز اسمه كأحد أكبر وأكثر تجار الأسلحة إثارة للجدل بالعالم، فبدأ بجمع الأموال الطائلة ابتداء من السبعينيات جراء عمولات ضخمة تلقاها من صفقات أسلحة، أشهرها صفقة اليمامة التي قامت على مبادلة السلاح بالنفط بين السعودية وبريطانيا، وكانت قيمتها عشرين مليار دولار، إذ لعب عدنان خاشقجي دورا كبيرا بإرساء الصفقة على بريطانيا بعد منافسة شديدة مع فرنسا. وتبقى من أبرز نشاطات عدنان في فترة الستينيات والسبعينيات توسطه في صفقات السلاح التي أبرمتها شركات أمريكية مع السعودية، حينما عمل عن كثب مع شركة لوكهيد كوربوريشن التي أصبح اسمها الآن لوكهيد مارتن. كما راج اسم عدنان كأحد المتورطين في صفقة سلاح بين أمريكا وإيران بات اسمها فيما بعد فضيحة إيران كونترا لمساعدة نظام الخميني بحربه ضد صدام حسين مقابل إطلاق سراح خمسة أمريكيين تحتجزهم فصائل شيعية بلبنان.
ورغم حالة الجدل الدائم الذي أثارته طبيعة عمله بصفقات السلاح، لكنه بات أغنى رجل في العالم بـ الثمانينات بثروة قدرت حينها بأربعين مليار دولار، ما حدا بمجلة تايم وضعه على غلافها الرئيسي عام ألف وتسعمئة وسبعة وثمانين تحت عنوان تجار سلاح الظل. حياة عدنان خاشقجي المترفة وصف قاتله المذهل له. وفي العقد ذاته قضى خاشقجي فترة في سجن سويسري، حيث كان يتناول وجبات فاخرة من فندق بليزر هوف، وبالوقت ذاته الذي كان يخوض فيه معركة قضائية ضد الترحيل للولايات المتحدة بعد اتهامه بغسيل الأموال لصالح زوجة ديكتاتور الفلبين السابق إيميل دا ماركوس، إلا أن الاتهامات ضد خاشقجي أسقطت في وقت لاحق، وجرى تبرئته وزوجة ماركوس في نهاية المطاف. شمبانيا ونساء وقمة ظهر في حياته الشخصية. عرف عن عدنان خاشقجي حبه للنساء والزواج، فكانت زوجته الأولى من الإنجليزية ساندرا ديفي التي اعتنقت الإسلام وغيرت اسمها إلى ثرية وأنجب منها خمسة أبناء وبنات. لكن هذه. الزواج انتهى عام ألف وتسعمائة وأربعة وسبعين. ليو كلفه ثروة طائلة بعد أن دفع لي طليقته ثريا تسعمائة مليون دولار، ما جعله أعلى مؤخر صداق بالتاريخ حينها. عدنان تزوج بعدها فتاة إيطالية في السابعة عشر من العمر وأنجب منها ابنه علي.
ثم تزوج الإيرانية شاه بار عازم زانا التي انفصل عنها في ألفين وخمسة عشر، بينما كانت آخر زوجة له هي لمياء خاشقجي. كما تشير تقارير إعلامية إلى أن خاشقجي كان مولعا بـ القمار، ما جعله يضطر إلى تسوية الديون مع كازينو فندق ريتز في لندن عام ألف وتسعمئة وثمانية وتسعين، بعد أن وصلت ديون قمار به إلى ثمانية ملايين جنيه إسترليني. الحفلات الصاخبة الكبيرة كانت أيضا ثمينة لدى عدنان الذي اعتاد دعوة المشاهير من الرجال والنساء إليها، حيث كانت أنهار الشامبانيا تسيل خلالها. وما زالت صحف العالم، إذ أرادت ضرب مثال عن البذخ تذكر بحفل عيد ميلاد عدنان خاشقجي بمناسبة بلوغه الخمسين من عمره عندما أقام حفلا في مزرعته والممتدة فوق خمسة آلاف فدان على شاطئ رابية بإسبانيا، وحينها وحضر الحفل أربعمئة شخص وكلفه ملايين الدولارات ليغدو الأكثر. بدا خام بعد الاحتفال الذي أقامه ملك فرنسا لويس الرابع عشر بمناسبة توليه العرش، وفي عام ألف وتسعمئة وسبعة وتسعين، أمرت محكمة في باريس خاشقجي بدفع غرامة مقدارها واحد فاصل ستة مليون دولار لتهريبه سبعة وثلاثين لوحة من الولايات المتحدة إلى فرنسا في عام ألف وتسعمئة وستة وثمانين على متن طائرته الخاصة التي كانت توصف بأنها قصر متنقل في السماء.
ليبقى اسم عدنان خاشقجي كأحد أكثر تجار السلاح ورجال الأعمال العرب إثارة للجدال.
تعليقات
إرسال تعليق